kevin mitnick، يسطع اسم كيفين ميتنيك كنجم لامع في سماء العالم الإفتراضي كأخطر هاكر على مستوى العالم؛ ويحظى بشهرة أوسع نطاقاً أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أكثر منها في الشرق الأوسط والعالم العربي، فقد تمكن بفضل الذكاء الخارق الذي يتمتع به في علم الحاسبات والإنترنت من أن يصبح أشهر قرصان إلكتروني فوق سطح الأرض؛ لذلك فإن اسمه مدرج في قائمة المطلوبين عند التحقيقات الفيدرالية الأمريكية FPI، وفي هذا المقال سنتطرق إلى قصة حياة كيفين ميتنيك عن قُرب.
قصة حياة كيفين ميتنيك

وُلد كيفين ميتنيك في السادس من شهر أيلول/ أكتوبر سنة 1963م، يحمل جنسية أمريكية، وعاش بداية حياته في وسطٍ فقير مادياً ليس لديه القدرة على اقتناء حاسوب خاص به؛ لذلك فقد حرص على التواجد خلال فترة مراهقته في معارض راديو شاك ليستخدم الأجهزة الموجودة هناك، وتشير سطور قصة حياته إلى أنه والدته عملت نادلة في إحدى المطاعم القائمة في المنطقة، وفي غضون المرحلة الثانوية بدأت مهاراته الحاسوبية بالتجلي بشكلٍ ملحوظ مما استدعى تجمع الأصدقاء حوله للتعلم منه؛ وجاء ذلك خصوصاً بعد أن تمكن من اختراق الجهاز الرئيسي للمدرسة على مرأى من عيون الطلبة.
وبالرغم من الذكاء الخارق في الاختراق الذي تمتع به كيفين ميتنيك إلا أنه لم يكن متفوقاً دراسياً في حياته العلمية؛ إلا أن ذكائه قد أفاده في الانخراط في الحياة العملية في إحدى بدالات مؤسسة الهاتف المحلية، وما زاد من نطاق توسعه في الاختراق هو حصوله على مكالمات مجانية على مستوى العالم مما ساعده على تهكير العالم البعيد جغرافياً، فاسترق السمع إلى المكالمات واحتفظ بمعلومات وأسرار الآخرين من طبقات غنية في مجتمعه وذات قوة، مما نمّا بداخله الرغبة العارمة بإثبات ذاته بما يمتلكه من القوة والتفوق على غيره والقدرة الغير طبيعية في الإطلاع على تفاصيل سرية في حياة الآخرين.
ثم شاءت الأقدار أن ينضم إلى مجموعة من الشبان الذين يمتلكون نفس المهارات والقدرات العقلية مما أتاح له الفرصة في اختراق شبكات هاتفية أخرى بواسطة الحاسوب؛ وأصبحت هذه المجموعة تعقد اجتماعات بشكلٍ شبه دوري لتبادل آخر المستجدات حول شبكات الحاسوب وطرق اختراقها، ولغاية اللحظة كان الأمر مجرد تسلية ومتعة ومضيعة للوقت، لكن مع مرور الوقت بدأ الأمر يأخذ اهتمامهم ليصبح وسيلة للأذى والعبث؛ فألحقوا الضرر بالآلاف من ملفات شركة قائمة في سان فرانسيسكو، وبقيت القضية مسجلة ضد مجهول لدى الشرطة لمدة عامٍ كامل.
حياة كيفين ميتنيك العملية
كانت الخطوة الأولى في تخريب الشبكات عند كيفين قد خطاها سنة 1981م عندما دخل مع مجموعة من أصدقائه المخربين إلى المركز الرئيسي لشركة الهاتف في مدينة لوس أنجلوس!
وقد تمكنوا من الوصول إلى الغرفة التي تحتوي على الجهاز الرئيسي والمحرك للشركة بأكملها فأخذوا الكتيبات التي تحتوي المعلومات الرئيسية لتشغيل الأجهزة والقوائم والسجلات المتضمنة لمفاتيح الخاصة بأقفال الأبواب الإلكترونية موجودة في تسع مراكز تابعة للشركة داخل المدينة نفسها، وعند اكتشاف الأمر باشرت الشرطة بالتحقيقات مباشرةً إلا أنها قد عجزت عن الكشفِ عن مرتكب الجرم وبقيت القضية ضد مجهول أيضاً كسابقتها.
ويقال بأنه بعد مضي عامٍ من وقوع القضية تمكنت إحدى الفتيات من المجموعة المخربة من الغدر بهم والإيقاع بهم جميعاً؛ فحكمت المحكمة على كيفن بالسجن ثلاثة أشهر فقط بعد توجيهها تهمة السرقة وإلحاق الضرر والعبث ببيانات الشركة وتدميرها؛ ولم يقتصر الأمر على ذلك بل بقي تحت المراقبة لمدةِ عامٍ كامل بعد إخلاء سبيله وإنتهاء محكوميته.
بدأت الأنظار تتجه صوب كيفين لاستغلال خبراته وذكائه في الاختراق بمدِ يد العون له من قبل مركز الخدمة الإجتماعية؛ على أن يتم تشغيله في سياق خبرته واستغلالها بأوجهٍ مشروعة قانوناً؛ إلا أن الأمر قد عاد بنتيجة عكسية على المجتمع تماماً حيث أقدم على توسيع خبرته ومعلوماته بالفعل ولكن استخدمها فيما بعد في اختراق شبكات الحاسوب مستخدماً ما تعلمه من معلومات مختصرة، مما أفضى ذلك إلى الامتثال أمام المحكمة وتوجيه التهم إليه مجدداً والحبس لمدة ستةِ أشهر مع التدريب في إصلاحية الأحداث؛ وكان ذلك سنة 1983م في ولاية كاليفورنيا.
وبعد مضي سنوات قلائل تمكن معاودة الكرة مرة أخرى والوقوع في غياهب السجن مجدداً؛ إلا أن هذه المرة بقي كيفن بالسجن دون محاكمة لمدة عام كامل بعد أن أقدم على سرقة معلومات محاسبية لإحدى الشركات الأمريكية، ولكن ما يثير القلق هو إختفاء ملفه إختفاءً تاماً من ملفات المتهمين عند الشرطة دون أي مبررات أو دلائل.
علاج كيفين من إدمان القرصنة
مضت الأيام ولم يتب كيفين أبداً من إدمان القرصنة واختراق شبكات الحاسوب؛ لذلك فقد وقع مجدداً في قبضة الشرطة الأمريكية سنة 1988م بعد أن أقدم على عملٍ مدمر أكبر من كل مرة سابقة، فقد سرق سلسلة من البرامج تصل قيمتها إلى مليون دولار مع التسبب بالخسائر للشركة بأربعة ملايين دولار، فصدر الحكم بحقه في العام التالي سنة 1989م بالسجن لمدةِ عامٍ كامل قضى منها 6 أشهر في مركز علاج إدمان القرصنة بأمرٍ قضائيّ إلزامي.
هروب كيفين من FBI
فُتحت أبواب السجن ليتنفس كيفين الحرية مجدداً بعد انقضاء مدة الحكم؛ وقرر في هذه المرة عدم الرجوع إلى ماضيه المشين وبدأ برحلة طويلة في البحثِ عن عمل يوفر له الدخل الذي يعيش به حياته إلا أنه قابل كل طلبات العمل بالرفض القطعي لما له من ماضٍ سيء السمعة وقد تمكن بعدها من العثور على وظيفة جيدة في إحدى الشركات المتوسطة؛ لكن ما ألزمه على معاودة الاختراق والأذيةِ مجدداً بعد أن لقي أخاه حتفه إثر جرعة زائدة من الهيروين فأدخله ذلك بحالة صعبة من الإكتئاب الحاد، فكان السبيل للخلاص من الاكتئاب هو الأذية.
وعند توجه الـFBI لشقتّه لإلقاء القبض عليه كان قد تمكن من الإختفاء والهروب، وبقيت المتابعات الأمنية مستمرة له ومع ذلك لم يتمكنوا من الإمساك به، فكانت لديه قدرة خارقة في الاختفاء والاختراق؛ حتى تمكن من الوصول إلى شبكات وزارة الدفاع الأمريكية، بذلك تمكن من الحصول على لقب أخطر هاكرز في العالم.
جاء عام 1992م حاملاً معه بعض المشاكل لكاليفورنيا وسان فرانسيسكو، إذ طلب من الشرطة تزويده بمجموعة من رخص القيادة الخاصة بالمتعاونين مع الشرطة بعد أن تمكن من اختراق خط اتصال تابع لمحل يقدم خدمة الفاكس والتصوير، وبالفعل تم إيصال المطلوب للمحل لكن قد التبس على الشرطة بعض الشك وقرروا التوجه إلى المنطقة للتحقق، وعند الوصول شاهدوا رجلاً يخرج من المحل حاملاً معه الأوراق وعند مشاهدة رجال الشرطة تمكن من الفرار ملقياً خلفه أوراق القيادة التي ابتعثتها الشرطة له، فأصبح بفضل ذلك لصاً شهيراً يتصدر اسمه الصفحات الأولى للصحف في تلك الفترة.
آخر مشاهد حياة كيفين ميتنيك
تمكن بطل قصتنا من إثارة حفيظة أكبر خبراء أمن الشبكات في مكتب التحقيقات الفيدرالية خلال عطلة عيد الميلاد سنة 1994م بعد أن تمكن من اختراقه جهاز حاسوبه الموصول بشبكة العمل الضخمة؛ حيث سُلبت منه المئات من الملفات الهامة التي تتمحور مواضيعها حول أساليب اختراق الشبكات والهاتف المتحرك، فسخر شيمومورا كل طاقاته وخبراته للبحث عمن قام بهذه الفعلة الدنيئة.
وبالفعل تكللت العملية بنجاح بالكشف عن المخترق من خلال نظام المراقبة الممتاز، فقد تم الإيقاع به خلال قيامه بأعمال تخريبية أخرى لشركات موتورولا وأبل، كما تمكن خلال ذلك من الحصول على أكثر من 20 ألف رقم بطاقة إئتمان تابعة لشبكة حاسوبية تجارية، وتمركزت الشبهات حول كيفين ميتنيك، وحقاً هو من كان خلف ذلك من مقره في مدينة رالي شمال كاليفورنيا، فتوجهّت دوريات الشرطة من مكتب التحقيقات الفيدرالي في مساء يوم الخامس عشر من شهرِ فبراير إلى شقته صاحبة الرقم 202، وتمكنوا من الإيقاع بكيفين واعتقاله دون محاكمة.
لكن القرار بالحكم قد تم النطق به رسمياً في السابع والعشرين من شهرِ يونيو سنة 1997م؛ فنص على الحكم بالسجن عليه لمدة اثنين وعشرين شهراً، فأمضاها مع زيادة أربعة أشهر دون إطلاق سراح مع معاملة قاسية جداً وتعذيب لم يسبق لأحد قد ناله قبله من مخربي الشبكات الإلكترونية، وتم الإفراج عنه سنة 2000م بالتزامن مع تأليف كتاب يحمل قصته في الهكر من قبل الصحفي ماركوف والخبير المختص شيمومورا تحت عنوان كوندور الإنترنت.
تستطيع متابعة حساب كيفين ميتنيك على تويتر حيث يعمل كمدير للاختراق بشركة knowbe4
معلومات عامة عن كيفين ميتنيك
- تمكن ميتنيك من إقلاق راحة كل من شركة سوني إريكسون ونوكيا وفوجيستو وموتورولا بالإضافةِ إلى شركة آبل، شركة T&T، شركة نوفل للشبكات، حيث أقدم على اختراق شبكاتها جميعاً وسرقة معلومات سرية للغاية منها والتلاعب بها.
- يتمتع بأعلى درجات الخطورة على مستوى العالم؛ إذ لديه القدرة على إحلال حالة النفير العام والاضطراب في أي دولة باقتحام أي موقع قد يجده مناسباً.
- يعد أول شخص قد تمكن من اختراق نظام البنتاجون الأمريكي النظام الأكثر تعقيداً من الأمان والخطورة.
- أشبع كيفين رغبته العارمة في التخريب والدمار بمدةٍ تجاوز 15-18 عاماً على الأقل من عمره.
- انتصرت قوى الخير على الشر داخل كيفين ميتنيك، حيث يقال بأنه قد أصبح مؤخراً مستشاراً لأمن الحاسوب ومؤلفاً لكتب الاختراق وأمن الحاسوب كوسيلةِ مساعدة للآخرين للتصدي لهجمات الهاكرز في سماء العالم الإفتراضي، ومن بين كتبه “فن الخداع” الذي كان يرتكز على تقديم وسائل للأشخاص والشركات في التصدي للهجمات المقرصنة.
- تمكن كيفين ميتنيك من إنشاء شركة خاصة به لتمثل دور الداعم للشركات والأفراد وتوفير الحمايةِ لهم أمام الهجمات التي يتعرضون لها عند الولوج إلى عالم الإنترنت، فله دور في حماية الأجهزة والمعلومات من أخطر الهجمات المتوقع التعرض لها.
- التحق بالعمل في شركة Mitnick كرئيس للاستشارات، كما انضم لعضوية المجلس الإستشاري في Zimperium.
- تزوج لمرة واحدة في حياته؛ واستمرت حياته الزوجية من عام 1987 وحتى عام 1990م من السيدة بوني فيتيلو.
- ألقى العديد من المحاضرات ذات العلاقة بأمن المعلومات وهجمات القرصنة عبر الإنترنت، وكان من بينها تلك المحاضرة التي ألقاها في الخامس من شهر يونيو سنة 2013م في معرض مؤتمر الخليج لأمن المعلومات الذي انعقد في مركز دبي التجاري العالمي.
- يرى ميتنيك أن السوق فقير جداً لباقات أمنية لديها القدرة الخارقة على الحد من المخاطر الناجمة عن الهندسة الإجتماعية.
الخلاصة
عاش كيفين ميتنيك حياته في بداية الأمر هائماً بالخراب والدمار والفرار من مكتب التحقيقات الفيدرالي من وقتٍ إلى آخر، وأمضى أوقاتاً طويلة من حياته خلف أسوار السجون؛ ونلاحظ مما تقدم أنه هناك اختلاف في الأقاويل حول مسار حياته فمنهم من قال بأنه اختفى سنة 2007م، ومنهم من أتى بمعلومات مؤكدة عن استمرار حياته العملية ناجحاً فيها حتى وقتنا هذا، ومن الدلالات على ذلك تقديمه محاضرة مميزة في دبي سنة 2013؛ أما فيما يتعلق بتفاصيل حياته فقد أشار الفيلم السينمائي الذي تخلل مشاهد حياته أنه كان على عكس بقية الهاكرز على الإطلاق؛ فالهاكرز عادةً يبتعدون تماماً عن التدخين والمشروبات الروحية التي تلحق الضرر بصحتهم نظراً لملء حياتهم بالفرار والحاجة إلى الصحة الجيدة للتمكن من الهرب من أيدي رجال الأمن، لكن كيفين ميتنيك ومجموعته كانت تمضي وقتاً طويلاً في ظلمات السُكر والدعارة وغيرها كما صورها الفيلم، فمن وجهة نظري كمشاهد للفيلم قد لا أرى في بداية الأمر أن كيفين خطيراً للغاية نظراً لتفاصيل حياته العادية والتي لا تشير إلى ذكائه واهتمامه بالحاسوب وأمن المعلومات واختراق شبكات الحاسوب والإنترنت، لكن قد تجلى ذلك في مشاهد متقدمة من الفيلم وأوضح ما مر به أخطر مخترق على مستوى العالم خلال سنوات حياته جميعها.