كيف يكون لمشروع التخرج و بحثه و مناقشة المشروع أثرٌ عظيم على مستقبلك ؟!!

غادرتُ عتبات الجامعة مودعاً إياها بمناقشة مشروع التخرج و ذاك الشعور الغريب ببداية النهاية.

في آخر سنة من الدراسة الجامعية يعملُ الطلاب على تجربة شيءٍ من الحياة العملية يُسمى بمشروع التخرج.

لم نكن كحاسبوبيون لننأى بأنفسنا عن تجربة العمل على مشاريع التخرج و تجربة طعمِ الحياة العملية في بداية نهاية علاقتنا بالدراسة الجامعية، وربما نهايةُ علاقتنا بالدراسة الأكاديمية إطلاقاً.

لمشروع التخرج و بحثه سمعةٌ سيئة بين الطلاب الجامعيين، لا أذكرُ أحداً مدح لي العمل على مشروع التخرج أو ذكر لي فوائده أو آنسني بالمتعة التي سأجدها بمشروع التخرج.

كُل ما يُذكر عن طيّبي الذكر -مشروع التخرج و بحث التخرج- أنهما هلاك و تعب و مناقشة و سهر و و و و ..

لذا هُنا و رُبّما على عكس ما يُقال، أطرحُ الحقيقة بعينِ المُجرّب و بعين الناصح و المُحفّز، أقولُ ما أعيشُه الآن بفضل مشروع التخرج و العمل عليه و على بحثه و مُناقشته.

1. أفضل فرق المشاريع هي التي يتكامل أعضائها و إن اختلفوا

تختلف شخصيات البشر وطباعهم اختلافا عجيباً، ولكن رغم هذا الاختلاف ستلاحظ أن الطلاب يتكيفون فيمها بينهم لدرجة تجعلك تشعر أنهم أفضل المجتمعات تكيفاً وتعايشاً.

ربما يكونُ هذا التكيف لإرتفاع درجة الوعي لدى الطلاب الجامعيين و إهتمامهم بهدف مشترك و هو التحصيل الأكاديمي.

أما عندما يتعلق الأمر بمشروع التخرج فإنه مشروع ممتد ما بين سنة و شهور. في هذه الفترة تجري كثيرٌ من الأحداث المستمرة مثل المناقشات و الإجتماعات و العمل.

هكذا يُصبح أعضاء مشروع التخرج في مواجهة اختلافات كبيرة لم يعتادوا عليها في التحصيل الأكاديمي.

التكامل في مشروع التخرج و بحث التخرج

وبما أنّ مشروع التخرج هو مستقبل الطالب وخلاصة جهد السنين، فإن التوتر و الضغط النفسي يؤدي إلى صدامات بين فريق عمل مشروع التخرج نسبة لإختلافات لم يستطيعوا إدارتها.

فيحاول بعض الطلاب الهروب من هذه المشاكل باللجوء إلى العمل الفردي بدلاً عن العمل الجماعي من أجل ضمان مجهودهم و من أجل راحة بالهم والهروب من الوقوع في هذه المشاكل.

 عندما عملتُ مع زميليّ في مشروع التخرج واجهنا نفس الصعوبات التي يواجهها الطلاب حتى يومنا هذا، و أعرفُ الآن أنّي في ذاك الوقت كُنت ضجراً قلقاً مُتسرعاً للنتائج.

وعلى عكس ما يتوقع الطالب حينئذٍ، بعد أن انقضت التجربة وبعد عدة سنوات من العمل في وظائف مختلفة ما زلتُ أستخدم تلك الخبرات التي تعلمتها من التعامل مع الاختلاف والتعاون وتقسيم الأعمال أثناء العمل على مشروع التخرج.

فقد كان كُل فرد من فريقنا يُكمل نقص الآخر في منطقة ما، ما جعل مشروع التخرّج و بحثه و مناقشة المشروع يكتملون بطريقة ممتازة رغم الاختلافات.

2. لا تجعل الصداقة السبب الوحيد لإختيار فريق عمل مشروع التخرج

من الأساسيات التي يحاول طلاب الجامعات بها اختيار زملائهم في مشاريع التخرج هي درجة تقارب الافكار.

بل ان البعض يحاول اختيار الاصدقاء، والسبب في هذا واضح، فصديقك هو من يفهمك وتفهمه وتستطيعان النقاش والتحاور دون أن تصلا إلى مرحلة الخلاف.

الصداقة في مشروع التخرج

من الجيد اختيار الأصدقاء ومن نتفق معهم في الافكار من أجل العمل، ولكن الفائدة من هذا الاختيار لن تكون كبيرة كما لو اخترت شخصاً مخالفاً لك في الفكر ولكنه جيد في الجزء الذي سيعمل فيه.

فإذا وجدتَ أنّ صديقك هو من تستطيعُ العمل معه لتحقيق هدف مشروع الخرج كما يجب فهذا جيّد، ولكنّه سيءٌ في نفس الوقت.

الحقيقة هي أنّك ستفوّت فرصة لا تُعوّض لتتدرب على العمل مع الأشخاص المختلفين عنك و حتى الذين لا تعرفهم.

3. إسعَ للكمال دون أن تصل

محاولة الوصول إلى الكمال قاتلة، ولكن هذا هو ما يحاولُ الطالب فعله منذ المرحلة الإبتدائية.

احرص على عدم الخلط بين التميز و الكمال .. التميز، أستطيع الوصول له؛ الكمال هو عمل الله.
– مايكل جي فوكس

يحاول الطلاب دوماً الحصول على أفضل النتائج، وهذا ليس عيباً. ربما يرجع ذاك إلى مفهوم الحصول على الدرجة الكاملة 100% والإحساس بالرضا عند الوصول إلى هذه الدرجة.

العمل على مشروع التخرج و ملحقاته يختلف، مثلما حدث معنا.

وضعنا خطتنا لمشروع التخرج و بحث التخرج بأن نطور نظاماW يحتاجُ إلى معدات يجب أن نستجلبها من الخارج بعد الحصول على دعم من مصادر متعددة.

بعد أن وضعنا جُهداً مقدراً في الحصول على الدعم و أضعنا وقتاً ثميناً إكتشفنا أننا قد وصلنا إلى وضعٍ حرج لا نستطيعُ معه الحصول على الأجهزة و إكمال المشروع!

كان وضعاً حرجاً فعلاً.

الكمال في مشروع التخرج

قررنا ألا نتخلى عن مشروعنا و أن نُكمله بإستخدام المحاكاة، لم تكن لحظة سعيدة حين اتخذنا هذا القرار ولكنها كانت السبيل إلى النجاح بدلاً عن البداية من الصفر.

إستطعنا إكمال مشروع التخرج و البحث و المناقشة كأفضل ما يكون و حققنا أهدافنا من المشروع.

رغم ذلك، ولوقت ليس بقليل لم أستطع تقبُّل شعور الياس حين اتخذنا قرار التخلي عن الأحهزة حتى تعلمتُ من الحياة أنّ الكمال ليس مطلباً لذاته ولكنه وسيلة لمساعدتك على استخراج أقصى طاقاتك.

4. تعلّم أن تفشل أولاً، ثمّ تعلّم أن تنجح بعد الفشل

لا أدري لماذا، ولكن الدراسة بنهجها المعتاد لا تعد الطالب للتعامل مع الأخطاء والفشل.

الفشل مع مشروع الحاسوبأغلبُ من يُنهي دراسته الجماعية يكون قد مر بمراحل مستمرة من النجاحات دون أن يواجه الفشل ولو مرة واحدة، وهذه ليست علامة جيدة في معيار النجاح في الحياة العملية.

كثرةُ الفشل تعني كثرةَ المحاولات والتي تعني زيادة الخبرات الحقيقية للطالب.

الحياةُ العملية مبنيّةٌ على الدراسات و الإستقصاء ثم التجربة فنجاحٌ أو فشل. ولكن أهمّ من هذا كُله هو النهوض من بين براثن الفشل لتُعاود الكرّة و المحاولة.

أثناء العمل في مشروع التخرج وحتى يُنهى المشروع ويتم تسليمه بالموعد كان يجب على أن نتقبّل فشلاً جزئياً في أهدافنا التي وضعناها في بداية المشروع.

ربما كانت من أوائل اللحظات التي حاولتُ تقبّل الفشل فيها بصدر رحب -رغم عدم استطاعتي تماماً- ولكنها كانت من أفضل الدروس التي تعلّمتُها من مشروع التخرج.

5. إحراز 60% أحياناً أفضل من 100%

كما تعلم، الدراسة هي بداية الحياة العملية، ثم تليها تجارب الحياة العملية.

في مجال الحاسوب و البرمجة من المهم أن نتعلم كيف نُنشئ الأشياء من عدم أو نطور فيما هو موجود.

إعلم تماماً أن القراءة فقط لن تزودك بما يكفيك من الخبرات التي تحتاجها حتى تُتقن هاتين الجزئيتين التين تخصان العمل الحقيقي الذي ستواجهه بعد التخرج.

دور التجارب والتطبيق مهم جداً ولا يُمكن التخلي عنه للنجاح في الحياة العملية، لذا إذا قدمت لوظيفة ستجد أن أصحاب الأعمال يسألونك عن خبراتك السابقة، ماذا أنتجت؟ ما هي فكرة مشروع تخرجك؟ ماذا كان دورك في هذه المشاريع؟

الغوص في البرمجة

التطبيق العملي في مشروع التخرج كان مفتاحاً لتعلم دروسٍ ربما لم نتقبلها في حينها، و مرّرَنا عبر خبرات كان من الصعب علينا حتى أن نتفهم وجود مثلها في الحياة العملية.

لم يكن التطبيق العملي لمشروع التخرج مماثلاً تماماً لبيئة العمل، ولكنه كان نقلةً حقيقية لطالب جامعي وتهيئة أكثر من ممتازة ليبدأ منها التحول إلى إنسانٍ مُنتج عند الالتحاق بالعمل.

 فما لم يكُن مجال دراستك هو أكاديمياً فإن عملك يتعلق بالإنتاج، والإنتاج هو مفتاح النجاح في الحياة العملية.

هكذا ما زلتُ و سأستمر أستفيدُ من تلك الحقبة الزمنية التعليمية في حياتي و إن لم أكُن أعبأُ بها كثيراً حينها، شاركتُها من أجل أن تكونَ هذه الكلمات في حق مشروع التخرج ذات أثر تشجيعي و تحفيزي على الدارسين، فشاركها إن أعجبتك.


قد يعجبك أيضا

ما رأيك؟ اترك تعليقاً أدناه


  1. السلام عليكم
    نصائح مفيدة جداً انا مقبلة على المشروع ان شاءالله وانا علوم حاسب ولكن مشكلتي هو انني لم اجد فكرة وكل يوم همي هو ايجاد فكرة لمشروع تأتيني افكار في مايخص الذكاء مثل تصنيف الكلام باللغة العربية و حول هذه الأفكار انا افهم الجافا جيداً وسنصنع التطبيق على الاندرويد استديوا بالجافا ان شاءالله ولكن هذه الأفكار اشعر بأنها تأخذ وقت طويل لانها تحتاج الى جمع معلومات كبيرة والوقت عندنا سيكون محدود
    وانا لم أعمل مشروع من قبل هل يمكنني التعامل مع بيئة الاندرويد ام هل ستأخذ وقت
    اريد نصائح للبرمجة بالذات في المشروع والإجابة على أسئلتي وشكرا

    1. وعليكم السلام ندى،
      لاختصار موضوع اختيار الأفكار هناك ثلاث مصادر سريعة،

      1. هو مشرفي مشاريع التخرج والذين تكون لهم في العادة قائمة بالمشاريع المحتملة لهذه السنة.
      2. الشركات البرمجية، والتي من الممكن أن تتعاون معك بإعطاءك مشروع للعمل عليه وتوظيفك بعد التخرج أو شراؤه منك.
      3. خريجي الكلية التي تدرسين بها ومشاريعهم، فهناك الكثير من المشاريع التي قد تحتاج لإكمال. يكون الخريج السابق أنشأ نموذجاً مصغراً أو واجهته مشكلة منعته من إكمال مشروعه فتستطيعين المواصلة.

      أما التعامل مع بيئة أندرويد وإنشاء مشروع عليه ليس أمراً صعباً ولا سهلاً، فقط يحتاج إلى وقت لاكتساب الخبرة والتعامل مع المشاكل المحتملة.
      أتمنى لك التوفيق.

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    استفدت من الموضوع جداً جزاك الله خيراً
    عندي استفسار كيف يكون تقييم الدكتور للمجموعه في بحث التخرج ؟
    انا اشتغلت مع مجموعه البعض فيها مايشتغل ولكن اشعر انه ظلم نأخذ في النهايه نفس الدرجه في البحث !

    1. وعليكم السلام ورحمة الله،

      مشروع التخرج تجربة مهمة جداً للتعرف على ما يحدث في العالم الحقيقي 🙂
      المهم في مشروع التخرج هو التجربة أكثر من “العدل في توزيع الدرجات”. وربما تكون هذه خبرة جيدة لتعلُّم كيف تستطيع تحقيق النجاح في المشاريع التي يكون فيها أحد الأعضاء غير فاعل.
      على كُلٍ في ما يتعلق بالدرجات، فلكل مشرف على مشروع طريقةٌ مختلفة في التعامل مع المشاريع وتوزيع الدرجات، فمن الأفضل التواصل مع المشرف وسؤالهُ مباشرة عن طريقةِ التقييم.

  3. السلام عليكم
    عفوا لدي بعض الاستفسارات…..
    هل يتم تنفيذ و الاستفادة من مشاريع التخرج أم تذهب أدراج الرياح ؟
    وهل مشكلة عدم الاستفادة من مشاريع التخرج موجودة في أغلب الدول ؟
    وان كان هناك دراسات حول مدى الاستفادة من مشاريع التخرج أعطوني عناوينها وروابطها
    لأن مشروع تخرجي سيكون عبارة عن دراسة تحليلية على مدى الاستفادة من مشاريع التخرج

    1. وعليكم السلام ورحمة الله عائشة،

      أعتقد أن الإجراءات تختلف من جامعة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى، للأسف ليس لدي علاقة مع مجال البحث المذكور.

  4. السلام عليكم جزاك الله خير وبارك الله فيك وزادك الله علما انا خريج IT هل لديك افكار لمشاريع تخرج بوركت

    1. وعليكم السلام ورحمة الله أخي خالد،

      وردني هذا السؤال قبلاً وكان هذا ردّي عليه -مع التصرُّف-

      قبل الحديث عن الأفكار دعني أخبرك عن طريقة إختيار مشروع التخرج.

      يجب أن تعلم تماماً أن حُسن إختيارك لمشروع التخرج قد يكون هو أفضل ما تفعله خلال السنة الأخيرة من دراستك لتتميز.. ربما يصل الأمر حتى عالمياً.
      تصل إلى هذا التميز بإختيار مشروع تخرج مناسب لأهدافك المستقبلية (ماذا ترغب بأن تكون بعد التخرج) وهذا ما يخلق لك ميزة قوية للحصول على عمل في نفس المجال الذي تطمح إليه.
      كما أن الحصول على الإستشارات و الخبرات المجانية ذات الجودة العالية من مشرف مشروع التخرج من الأشياء الثمينة التي لن تحصل عليها بسهولة بعد التخرج.

      وعوداً للحديث عن الأفكار، الفكرة هي تحديد المجال و العمل على شيء يدعم مسارك، فابحث عن ذلك فإذا وصلتِ إلى هناك يكون اختيار المشروع سهلاً.

      مع تقديري.

  5. شكرا لك .. مدونتك في غاية الروعة
    ممكن استشارة انا مقدمة على مشروع تخرج تحصصي هندسة شبكات .. هل لديك افكار مشاريع التخرج في هذا المجال او مواقع استفيد منها

    1. شكراً لك لتواجدك معنا.

      في الحقيقة لا أمتلك أفكاراً شخصية حالياً حو مشاريع التخرج لمجال الشبكات، رغم هذا لن يفوتني أن أذكر أن مواضيع الشبكات المرتبطة بأمن المعلومات أصبحت مساراً يجب الإهتمام به أثناء البحث عن فكرة مشروع تخرج.
      ذلك لأن هناك حاجة فعلية إلى هذا المجال، و قد يكون مشروع التخرج بداية الطريق إلى العمل في هذا المجال.
      أنصحك بالإطلاع على قائمة المشاريع هذه و المعدة من إحدى أقسام الشبكات، قد يكون بها شيءٌ مناسبٌ لك.

  6. شكرا على المشاركة معلومات مفيدة بالنسبة لي أؤيد هذه الجملة
    “ولكن الدراسة بنهجها المعتاد لا تعد الطالب للتعامل مع الأخطاء والفشل”
    🙂

    1. صدقتي فاطمة، و لعمري إنّ لهذا الإغفال أثر عظيم على كثيرٍ من الخريجين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة و ضحاها أمام حقيقة الحياة !

      ليس الفشل إلا بداية جديدة

{"email":"البريد الالكتروني غير صحيح","url":"رابط الموقع غير صحيح","required":"بعض الحقول المطلوبة لم تتم تعبئتها"}

نجاح!

تنبيه!

خطأ!