التسويف: إلى من ينهي الأعمال بسرعة في آخر لحظة فقط، هذه نظرة عميقة داخل عقلك

19  تعليق

لنُعرّي الحقيقة قبل أن نبدأ، من ينجز الأعمال في آخر لحظة دائماً يُسمى بـ “مُسوّف“.

كلمة التسويف تعني المماطلة و تأخير الأعمال، هكذا أفهمها وللموثوقية اطلعت على تعريفها في ويكيبيديا فوجدتها

التسويف يعني تأجيل الأعمال والمهام إلى وقت لاحق. يرى بعض علماء النفس أن الشخص قد يلجأ إلى التسويف فرارا من القلق الذي عادة ما يصاحب بداية المهام أو إكمالها أو ما يصاحب اتخاذ القرارات.

أحياناً بإمكان الشخص أن يُنجز العمل خلال أسبوع، فإذا أخّره من اليوم الأول إلى الثاني فهل يُسمى تسويف؟ لا طبعا، هناك 3 شروط أُلحقت بالتعريف تحول وصف التأجيل إلى تسويف.

ما هي شروط تحقق التسويف؟

  1. قائمة التسويفأن يكون للتأجيل نتائج عكسية.
  2. أن يكون التأجيل لا حاجة له بمعنى أنه ليس هناك هدف من التأجيل.
  3. أن يترتب على التأجيل عدم إنجاز المهام وعدم إتخاذ القرارات في الوقت المحدد.

بينما كُنت أقرأ بعض المشاركات في أحد مواقع حسوب لفت نظري رابط لفيديو وضعه أحدهم يتحدث عن ماذا يحدث داخل عقل المسوف.

الحديث لا يدور حول ما هي المشكلة ولا كيف تحلّها، فقط ماذا يحدث بعقل المسوف.

وبطبيعة الحال لأن بي جزءاً من شخصية المسوف فأحببتُ أن أختبر ما يقوله هذا الشخص مقارنة مع ما يحدث معي، هل هو صحيح فعلاً؟

سوف تكتشف بنفسك من خلال هذه التدوينة فلا بد و أنك تملك أيضاً شيئاً ما من شخصية المسوف.

منافع عظيمة وراء فهم كيف يحدث التسويف

كُنتُ يوماً يافعاً و طالباً بجميع المراحل الدراسية حتى الجامعة، و أستطيعُ أن أقول بكل ثقة أن مراكز التسويف بالكون هي المدارس و الجامعات.

إن كُنت طالباً من قبل فأنت تعلم هذا تماماً، و إن كُنت (حفّار أو دافُور أو مُصطفى) فأعتذر منك يا من تمثل 0.00001 من سكان الكرة الأرضية 🙂 .

الأمر ليس مزحاً، لأن عاقبة التسويف عظيمة، و الذي يعيشُ حياته مسوفاً ربما ينتهي بما قال الله تعالى – حفظك الله –

((حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)).

مقدم الفيديو يُدعى تم أوربان يمتلك مدونة جميلة باللغة الإنجليزية تُسمى إنتظر ولكن لماذا وهو من الكتاب المشهورين في عالم الإنترنت.

فمن باب الإستفادة و الإفادة و فهم المشكلة للحصول على الحل توجهتُ فوراً إلى سماع ما يقوله تم أوربان عن التسويف.

أما إن تسائلت، هل وجدتُ فعلاً ما قاله تم أوربان عن ما يحدث في عقلي عندما أُسوف الأمور صحيحاً؟ فهذا ما ستكتشفه بنفسك من خلال هذه التدوينة، فلا بُد أنك تملك جزءاً من شخصية المسوف.

الكثير من المتعة تحدث داخل عقل المسوف

لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

ذاكر درس اليوم باليوم.

في الحقيقة و الواقع أليست هاتان العبارتان من الخرافات و الأساطير التي سمعناها كثيراً في حياتنا ولم نطبقها (مرة أخرى عذراً أيها الحفّار، الدافُور، مُصطفى 🙂 ).

إذا طبقنا مفهوم هاتين القاعدتين فإن حياتنا ستتحول إلى جحيم لا يُطاق، لذلك لا بد من نوع من المرونة.

أحياناً تكونُ مرهقاً تعباً، و أحياناً مزاجك عكراً و أحيانا مزاجك صافٍ ولكنه لا يتوافق مع هذه المهمة الآن 🙂 نعم، و أحياناً حتى اليوم كاملاً لا يكفي لأداء جميع المهام التي تخصه!

ولأني أعتقد تماماً أن مراكز التسويف في الكرة الأرضية هي المدارس و الجامعات فسأشاركك ما يفعله الطلاب عادةً و أخبرني إن كُنت مخطئاً.

عندما يُسند الأستاذ واجباً إلى الطلاب، ينظر الطالب إلى واجبه و يقيم مدى الجهد الذي يحتاجه الواجب، بعد ذلك يضع خطة لتنفيذ الواجب ولكن لن يتّبعها إطلاقاً.

و حينما يأتي الوقت الحرج وهو عندما يتبقى الوقت الذي يكفي فقط لأداء الواجب يبذل الطالب جهداً خرافياً و يكمل المهمة فقط قبل وقت التسليم.

أليس كذلك؟

هذا ما ذكره تم أوربان في مثاله أيضاً.

تسويف الواجبات
تسويف الواجبات

في نظرة إلى داخل عقل الإنسانين الملتزم (الحفّار، الدافُور، مُصطفى) و المسوف، ذكر تم أوربان أن بعقل الإنسان دفّة لإدارة إتخاذ القرار مثل السيارة.

هذه الدفة تقودها كائنات توجد بداخل عقل الإنسان و هي التي تؤثر على طريقة إتخاذه للقرار سواءً بالتنفيذ أو التسويف.

عدد هذه الكائنات ثلاثة، سنتحدث عن اثنين منهم هنا و الثالث ستتعرف عليه بعد قليل.

الكائن الأول يوجد في عقل الشخص الملتزم و المسوف كلاهما، وهو إنسان منطقي يتخذ القرارات المنطقية في حينها و يخبرك بما يجب فعله فوراً، منطقي واقعي جداً.

الكائن الثاني قرد. 🙂

نعم، الكائن الثاني هو قرد يبحث عن المتعة اللحظية السهلة، يوجد فقط في عقل الإنسان المسوف.

إدارة القرد لعقل المسوف
إدارة القرد لعقل المسوف

حين يتخذ الإنسان المنطقي قرار التنفيذ و يحاول إدارة الدفة بإتجاه التنفيذ يقفز القرد على دفة القيادة مغيراً إتجاه الدفة إلى مكان آخر.

إلى أين؟

إلى أسهل متعة لحظية مثل مشاهدة فيديو أو لعب مباراة أو مشاهدة التلفاز أو التواصل مع الأصدقاء و غيرها.

هذه المتعة ليست هدفاً لذاتها ولكن القرد يصرفك بها عن تنفيذ القرار الصائب لأنه صعب.

أي أنك تعلم تماماً ما هو القرار الصائب مثلما أخبرك به الإنسان المنطقي و حاول قيادتك إليه و لكن القرد كان أكثر تأثيراً عليك.

هذا ما يحدث في عقلك عندما تسوف الأمور.

من اللحظات الممتعة للإنسان، حين يكون القرار المنطقي ممتع و سهل في نفس الوقت، حينها يتحد القرد و الإنسان المنطقي في سعادة.

ما هي المشكلة التي ستواجه المسوفين لينجحوا في حياتهم؟

ما الذي يحدث في آخر اللحظات و يجعل الطالب أو الإنسان قادراً على هذا الأداء المهول في وقت ضيق!

أين يذهب القرد في آخر اللحظات؟

هنا يأتي دور الكائن الثالث و الذي يسمى بـ وحش الفزع، عندما يأتي وحش الفزع يهرب القرد فوراً و يستطيع الإنسان المنطقي العاقل إدارة الدفة بكل هدوء.

التسويف - وحش الفزع
وحش الفزع

فيخبرك الإنسان المنطقي بأنه يجب أن تفعل هذه الأمور في هذا الوقت بغض النظر عن المجهود حتى تستطيع أداء المهمة، و تستجيب أنت لذلك لأن قردك قد هرب 🙂

كم هو رائع هذا الشرح يا تم أوربان، فعلاً هذا هو ما يحدث معي تماماً عندما أسوف الأمور، أعرف تماماً ما يجب أن أفعله، و الملهيات هي أشياء ممتعة سهلة و عندما يحضر وحش الفزع يختفي القرد.

حسناً…

ولكن هناك مشكلة أكبر


المشكلة الأكبر عندما يكون ما ترغب بالقيام به ليس لديه وقت تسليم، أي لا يوجد وقت نهاية مثلما ذكر أوربان.

مثل الجصول على جسم رياضي أو تغيير الشخصية أو ما شابه ذلك. حينها لن يأتيك وحش الفزع أبداً ولن تحقق أهدافك أبداً.

ما الحل إذاً؟

الحل في أن تنظر إلى هذه الصورة التي تمثل عدد الأسابيع في حياة رجل عمره 90 سنة.

عدد الأسابيع في حياة شخص بلغ 90 عاماً
عدد الأسابيع في حياة شخص بلغ 90 عاماً

هل تعتقد أن عدد الأسابيع كثير بما يكفي لتضيعه؟ إخصم ما قضيته و ما ستكون به هرماً لا تستطيع فعل ما ترغب به. هل يكفي؟

خاتمة

معرفة المشكلة أكثر من نصف الطريق إلى الحل، و التسويف مشكلة كبيرة تقودك إلى الإحساس بضياع الحياة و ما أسوأهُ من شعور، لا تجعل التسويف يضيع حياتك و ابحث عن حل يجعل حياتك أكثر إنتاجاً و تحقيقاً للأهداف و …. سعادة.


قد يعجبك أيضا

21+ بيئة تطوير متكاملة (IDE) و محررات لشفرات جافا المصدرية [من أجل برمجة أفضل]

21+ بيئة تطوير متكاملة (IDE) و محررات لشفرات جافا المصدرية [من أجل برمجة أفضل]
ما رأيك؟ اترك تعليقاً أدناه


  1. فى البدايه احب ان اشكرك على مجهوداتك
    وثانيتا اريد ان اسالك هل مجال البرمجه افاك عمليا ؟
    وهل النتعلم سيحص فائده منه ؟
    ام سيكون مجرد وقت ومجهود ضاع هباءا

    1. وعليكم السلام ورحمة الله محمد،

      أعتقد أن سؤالكَ غير واضح، هل تعني بمجال البرمجة “تعلم البرمجة”؟ وماذا تعني بـ “الفائدة العملية”؟ وما هي الفائدة التي تتوقعها من تعلم البرمجة حتى أستطيع أن أخبرك هل هي موجودة أم لا.

  2. مقاربة رائعة ….
    اذاً الحل للتخلص من التسويف وطرد القرد هو استشعار نهاية الوقت قبل انتهاءه (يعني نحجز لوحش الفزع غرفة عندنا ) ونستدعيه وقت الحاجة ليقوم بمهمته.
    واستدعاء هذه الدالة.. عفوا ? اقصد الوحش هو باستشعار وتخيل النهاية الخائبة والفشل والذريع ووو كثير من الاشياء التي لايتمنى المرء ان يصل لها.
    سلام …
    ?

  3. انا اعتقد انه لما ياتي الوحش الفزع الى قردي يهرب الوحش الفزع و يستمر القرد في المماطلة و اضهار السعادة لاني اصبحت انا والتسوف متلازمان

{"email":"البريد الالكتروني غير صحيح","url":"رابط الموقع غير صحيح","required":"بعض الحقول المطلوبة لم تتم تعبئتها"}

نجاح!

تنبيه!

خطأ!