
كم من متحدث باللغة العربية فقط، له مستقبل مشرق -إذا وفقط إذا- توفرت لديه سبل التعلم فأظلم مستقبله.
ما هي تهمته؟ لم يتعلم لغة غير لغته الأم !!!
من الرسائل التي ترد إلى بريد مدونة علوم من أصدقائها و أسرتها كانت الرسالة التي ارسلها صديق المدونة عمرو محمد، فهي تستحق وقفة تفكير و تأمل لعلاقتها بترجمة و تعريب علوم الحاسب.
فحوى رسالة عمرو ثلاث تساؤلات مشروعة لكل ناطق باللغة العربية بشكل عام، و لكل ناطق باللغة العربية مهتم بالحاسوب خاصةً
- لماذا ليس لدينا محتوى عربي يمثل مراجع أساسيه للغات البرمجة؟
- كيف يمكن أن نبني محتوى عربي يساهم فيه مبرمجين العرب؟
- هل من الممكن أن نستعين بمترجمين لترجمه الكتب المهمه في علوم البرمجه من اللغه الانجليزية للغه العربيه؟
الترجمة علمٌ قائم بذاته له أصول و قواعد يراعيها المترجمون عندما تكون الترجمة مهنية إحترافية. لا أملك إجابات شافية لعدم إحترافي علم الترجمة، ولكن سأتطرق إلى هذه المشاكل من منظور مهني حاسوبي، و كناطق للغة العربية.
المصاعب التي عايشتها و يعايشها اليوم طالب علوم الحاسب في الجامعةكنت كمثل غيريكنت كمثل غيري
كنت مثلك في خوفي من اللغة الإنجليزية عندما بدأتُ الدراسة الجامعية، و التي لم نستخدمها مخاطبة إلا في حدودٍ دنيا.
كانت قدرتي على القراءة باللغة الإنجليزية لا تكفي حتى لفهم مقرر السنة الثالثة ثانوي تماماً. و قدرتي على القراءة باللغة الإنجليزية أفضل كثيراً من قدرتي على التحدث بها !
حمدتُ الله كثيراً على النعمة التي وجدتها بالجامعة؛ فكثيرٌ من الأساتذة متفهمون لهذه المشكلة ويراعونها أثناء المحاضرات. ولكن رغم ذلك… كانت اللغة الإنجليزية عائقاً امام تقدمنا الدراسي.
كنت أحمل الجهاز الإلكتروني للترجمة “أطلس” في المكتبة، وأحياناً أحمل المرجع إلى المنزل لأكمل الترجمة. بدون هذا المجهود لم أكن لأستطع الفهم و المذاكرة و حل بعض الواجبات.

الوقتُ الذي قضيتهُ في سنتي الأولى بالجامعة في البحث عن معاني الكلمات الإنجليزية و محاولة فهم المعاني و وضعها في سياقها ربما يساوي أو أكثر من الوقت الذي قضيته في فهم المواد.
ماذا سيحدث إذا كانت علوم الحاسب باللغة العربية ؟!!
كونت الأوقات التي قضاها الدارسون في الترجمة و محاولة التعلم باللغة الإنجليزية قاعدة معرفية لمصطلحات و معاني علوم الحاسب باللغة الإنجليزية. كما كونت قدرة على قراءة الكتب الإنجليزية المتعلقة بالحاسب ببساطة.
ولكن…
ماذا لو لم أتعلم اللغة الإنجليزية إطلاقاً، و تعلمت الحاسب باللغة العربية فقط ؟!!
ماذا لو وجدتُ كل الموارد التي أحتاجها لتعلم الحاسب باللغة العربية ولم أحتج إلى قضاء وقت في تعلم لغة أخرى ؟!!
التأثير المباشر لتعلم علم الحاسب باللغة الأم (اللغة العربية):
- تعلم علوم الحاسب في وقت أقل.
- القدرة على توسيع المدارك و المعارف بقراءة العديد من المراجع.
- القدرة على نشر هذه العلوم و مشاركتها ببساطة للجميع.
أترك هذا كله جانباً:
هل تعلم ما هو أعظم أثر من الممكن أن يحدث إذا كانت علوم الحاسب باللغة العربية ؟!!
أوقن أنك ستسمع غداً عن أطفالنا يطورون برامجاً مهمة لمجتمعاتنا، وآخرون تستقطبهم الشركات الكبيرة، وآخرون يصنعون مجدهم منذ الصغر.

فأرجوك.. لا تُطلق على أطفالنا التخلُّف و العجز و تعجب لنجاح أطفال الغرب لإنجاز بعض المهام!
فأطفالنا ليسوا بأقل قدراً و لكن حسن ظروفنا هي قل. انظر كيف يتعلم أطفالنا البرمجة .
الترجمة إلى اللغة العربية مضحكة !!
لا تقُل أن هذه الفكرة لم تخطر على بالك قط !
لا تقلق، فقد كتب أستاذي و صديقي نزار عدة أسئلة عن علوم الحاسب بالعربية الفصحى أقتبسُ لك منها:
– ما الفرق الأساسي بين ثعلب النار ومستكشف بين الشبكات؟
– ما الفرق بين القهوة ومخطوطة القهوة؟ وماعلاقة مخطوطة القهوة بأنظمة الشمس الدقيقة؟
– ماهو الإجراء الذي تراه مناسبا إذا دخلت كتاب الوجوه ووجدت أن شخصا ما قد فقأ عينك؟ مع الأخذ في الاعتبار أن البعض يتضايق إذا لم تفقأ عينه في المقابل باعتبارك لا تهتم به؟
– ماهي صيغة المقاطع المرئية التي تعرض في موقع “أنت ماسورة”؟
أليس هذا ساخراً بما يكفي؟ إذا استطعت ترجمتها إلى الإنجليزية ضع محاولتك بالتعليقات 🙂
تعمّد صديقي الأستاذ نزار هنا السخرية مزحاً، ولكن قطعاً لا يترجم هكذا. فالترجمة هنا حرفيّةٌ تماماً، على عكس الهدف من الترجمة و هو إيصالُ المعنى.
بالمثل أحكم، في كثير من المصطلحات الإنجليزية يؤخذ الحرف الأول من كل كلمة في جملة ما، و لنقل www و التي يعرفها كل العالم تقريبا و هي اختصار لـ world wide web.
اليوم لن يتعجب من يستخدم اللغة الإنجليزية من هذا الإختصار www، ولكن من ينطق بالعربية سيتعجب إن سمع بـ [شع] أو [ش ع] كإختصار لـ “الشبكة العالمية” و التي هي مرادفة لـ world wide web.
لذا أرى أن الحاجز النفسي و استوحاش الكلمة نفسها لهُ بالغ الأثر في ترك الترجمة باللغة العربية أو قلة الإهتمام بها؛ و ربما ليس ذلك فقط، بل محاربة ترجمة علوم الحاسب إلى اللغة العربية.
مشاريع ترجمة حاسوبية
بدأ بعض أصحاب الهمم العالية مشاريعاً للتعريب في مجال علوم الحاسب وما جاورها، ومن المشاريع التي أعجبتني لدقتها و جودتها مشروع ترجمة المصطلحات التقنية من أعجوبة.

أعتبر أن أعجوبة احدى النماذج التي من الممكن أن تُحتذى في عالم تعريب و ترجمة علوم الحاسوب، و من الممكن أيضاً الإستفادة من خبراتهم و معارفهم فيما يتعلق بهذا المجال.
إبتداءً من القواعد التي تم سنُّها في بداية قرائتك للترجمة تعلم أن هذه الترجمة ستكون أكثرَ دقّة مما اعتدنا عليه في أوساط الإنترنت.

كما أن من أجمل النقاشات التي قرأتُها مؤخراً عن ترجمة علوم الحاسب تجدها بمدونة عصام الزامل بعنوان “حوار مفتوح: هل يمكن أن تنهض أي أمة بغير لغتها الأصلية؟“، ستجد في نقاشاتهم ما يفتح ذهنك إلى أمور أوسع و أبعد عن أثر ترجمة علوم الحاسب إلى اللغة العربية و الصعوبات التي تعوق ذلك.
تجربتي في الكتابة عن الحاسوب
مع أن هذه اللغة العربية لم تكن هيّنةً يوماً، بمكانتها لا بمكانتنا نحن كمتحدثين، ولكن ما زلتُ حتى هذا اليوم أواجه بعض الصعوبات أثناء كتابتي عن علوم الحاسب باللغة العربية، أو محاولة شرحها.

ولعلمي بأن استخدام اللغة العربية فقط في إيصال المعلومات يجعل فهمها أيسر للمستمع و القارئ، كما أن هناك شريحةٌ من هذا المجتمع لا تستطيعُ التعامل مع المصطلحات الإنجليزية و لا غيرها من اللغات فإني أسعى بقدر ما أوتيت من قوة و [مزاج] أن أتحرى اللغة العربية.
كما أن البحث عن المصطلحات باللغة العربية يشعرني ببداية تحدثي باللغة الإنجليزية! خاصة عندما أصمتُ دهراً باحثاً عن “ترجمة كلمة” أو محاولة تذكُّرها.
ولكن بلا شك
مع الإصرار و بمرور الأيام، هانت مصاعب كثيرة، و سهُلت الإفادة و إيصال المعلومة بالتجربة و الخطأ. وبالملاحظة المستمرة و التدريب المستمر جافتنا بعضُ الصعاب، وبعضها سيظل ما لم تترجم علوم الحاسب إلى العربية بإحتراف.
هل يجب عليك أن تساهم في ترجمة و تعريب علوم الحاسب؟
في الحقيقة، و كما يقول المنطق، فإن كل شخص ميسر لما خُلق له، و الترجمةُ و التعريب لهما أناسهما، برغم أهميتهما فإنهما ليسا مسؤليتك أنت.
المهم في حياة الإنسان أن يفيد مجتمعه سواءً بالترجمة أو البرمجة أو غيرها، أن تكون له رسالة في الحياة تجعل لوجوده معنى، هذا هو المهم حقاً.
لدينا كحاسوبيون الكثير من الأحلام، ولكن ربما لن يتحقق بعضها. اقرأ عن أحلامنا هذه هنا.
ولكن لا تنسى قول الشاعر المتنبي
و لم أر في عيوب الناسِ شيئاً ~~~ كنقص القادرين على التمامِ
فإذا ما كانت لك قدرةٌ على تطويرِ نفسك، أو إفادة مجتمعك أو غير ذلك و لم تفعل فذلكَ نقصٌ شديد…
فإذا كُنت ذا قدرة على إحداث أثر في تعريب علوم الحاسب، أو إحداثِ أثر على هذه الأمة العربية فلا تبخل بذلك..
كيف قد تكونُ مساهمتك في ترجمة علوم الحاسب إلى اللغة العربية؟
- ترجمة كتاب كامل بمهنية.
- تأليف و نشرُ كتبٍ في مجالات من الصعب الحصول فيها على كتب عربية.
- المشاركة في مشاريع ترجمة و تعريب علوم الحاسب.
- إنشاء المشاريع المتعلقة بترجمة و تعريب علوم الحاسب.
إن كانت لك معرفةُ بطريقة أخرى قد تُحدث أثراً أعظم على تعريب و ترجمة علوم الحاسب أذكرها بالتعليقات أدناه، و لا تنسى أن تكونَ أحدَ من إذا مرُّوا بمكانٍ قالوا …. هذا الأثر…
أشكرك على هذه الرؤى الرائعة ، وعلى هذه التفكير الناضج الذي كثيرا ما فشل في إداركه دعاة المعرفة ممن انسخلوا من هويتهم ,
يارب يعجبهم
مقالة وافية ، لا يوجد ما يقال بعد ذلك.
إلا أنني أثق أن ذلك اليوم سيأتي قريباً بفضل الله ؛ لأن اللغة العربية أهل لذلك وتستحق ذلك ، ويوجد من أبنائها المترجمين الأكفاء الكثيرين القادرين على ذلك.
وهي في الطريق وبعمل العاملين ستعود إن شاء الله منبعاً للعلوم.
بالتوفيق يااارب لك و لكل من يسعى لتبسيط العلم للطلاب
ههه فعلا الترجمة الحرفية كارثة
استاذ مصطفى احتاج لغة برمجية تكون كا أساس قوي لي في مجال بناء انظمة التشغيل
هممممم. أرى أن لغة سي C أو سي بلس بلس C++ إتجاهُ جيّدٌ بالنسبة لهذا الهدف.
بارك الله فيك اخي الكريم
وفيك أخي مجد.
يحيا العرب
يكفي ان اسم الخوارزمي يستخدم اليوم في شتي بقاع العالم
أحترمُ وجهة نظرك ونفتخر بوجود اسم الخوارزمي. ولكن لا أرى أنه يكفي اطلاقاً.
نحن بحاجة إلى كثير من العلم والعمل حتى نحافظ على تاريخنا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخ مصطفى :(من لا يشكر الناس لا يشكر الله)، مجهود تشكر عليه وفي ميزان حسناتك.
الصراحة هذه المعلومات التي أفدتنا وأتحفتنا بها؛ بعض المواقع تبيع هذه المعلومات !
جزاكم الله خير وكثر الله من أمثالكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أم مايد،
شكراً للطف حديثِك وطيب كلماتك، ومن الطيّب يأتي الطِيب. جُزيتُم الجنّة ويسعدني تواجدكم دوماً في مدونة علوم.
جزال الله خيرا يا بش مهندس مصطفي
و جزاك الجنة أخي أحمد
ما شاء الله عليك تبارك الله لديك علم كبير واطلاع عميق وفقك الله
وفقك الله أخي حسن. لا ننسى قولهُ تعالى “وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”
ماشاء الله تبارك الرحمن
نفع الله بعلمك ?
و بارك فيكم، ما هو إلا غيضٌ من فيضكم.