ليس بالضرورة أن تكون مشاركاً بالهاكاثون حتى تستفيد منه، أحياناً يكفيك شرف الحضور.
ذهبتُ إلى هاكاثون الحج لأرى بأم عيني مبرمجي العالم العربي وهم يعملون بتناغم وبتنافس شريف على تطوير البرامج، والذي انتهى بأنه أكبر تجمع لتطوير البرامج في العالم!
أحدثك في هذه التدوينة عن الهاكاثون وبعض الأحداث من هاكاثون الحج وبعض الفوائد التي خرجت بها منه.
ما هو الهاكاثون؟ يجب أن تعرف المعنى أولاً

إن لم تكن تعرف ما هو الهاكاثون فقد مررتَ على معناهُ سابقاً، تجمُّع من المبرمجين يعملون على إنجازٍ شيءٍ ما وهو في حالتنا البرامج.. ولكن انظر إلى تعريفه حسب ويكيبديا

وكما ترى من التعريف فليس بالضرورة أن يكون الناتج في نهاية الهاكاثون برنامجاً كاملاً، بل من الممكن أن يكون نموذجاً مصغراً للمشروع أو تصميماً أولياً، وذلك يحدد من قبل اللجنة المنظمة للهاكاثون ووفقاً لأهداف الهاكاثون.
أهمية الهاكاثون: هل للهاكاثون فوائد؟
كل من يذهب إلى الهاكاثون يكونُ لهُ هدفٌ مختلف، ولكن هناك أهدافٌ عديدةٌ تدعوك لزيارة الهاكاثون. سأذكر لك من الأهداف ما يرد على ذهني، ربما بعضُها دعاني إلى الذهاب إلى هاكاثون الحج..
فوائد الهاكاثون:
- التعامل مع عقول مختلفة ومميزة: يجمع الهاكاثون عقولاً مختلفة ويكون بينها من هو مميزٌ جداً في مجاله. إذا أردت أن تجد مبرمجاً مميزاً فمن السهل عليك إيجاده في هاكاثون.
- التعرف على ثقافات مختلفة: الغالب في الهاكاثون أنه يجمع أناساً من مناطق مختلفة حتى ولو كان هاكاثوناً محلياً، أما هاكاثون الحج فقد كان مرتعاً لاستكشاف الثقافات.
- زيارة بلدان مختلفة: زيارة البلدان أو الدول المختلفة كثيراً ما تقترن بإيجاد سبب لزيارة تلك البلاد، الهاكاثون سبب، كما أن بعض أحداث الهاكاثون تتكفل بتذاكر المشاركين مثلما حدث في هاكاثون الحج.
- تحديد مركزك بين المبرمجين: الانشغال بالانتاج البرمجي يجعل المبرمج أحياناً يتخلف عن بقية المبرمجين في تحديث معلوماته والتعرف على التقنيات الحديثة، عند الحديث مع مبرمجين مختلفين تستطيع معرفة أين أنت الآن.
- اختبار قدراتك البدنية والذهنية: المشاركة في الهاكاثون تنتهي بإنتاج منتج ما في فترة زمنية محددة تستدعي أن تضغط نفسك ذهنياً وبدنياً لتُتنج المطلوب في هذه الفترة ربما مع بعض السهر والنقاش والعمل المتواصل.
- الحصول على بعض المال: لكل هاكاثون جائزة للمراكز المتقدمة، فإن كنت متأكداً من قدراتك فمن الممكن أن تكسب جوائزاً متعددة من مشاركتك في هاكاثونات مختلفة.
- التسويق: الهاكاثون من أفضل الأماكن لتسويق نفسك برمجياً أو في مجالك الحاسوبي حيثُ تجد المشاركين من مختلف الشركات والجامعات والمؤسسات حيثُ يسهل صنع علاقات معه أو ما يسمى بـ “التشبيك”.
أين تجد هاكاثون لتشارك به؟
أوه! في أي مكان، فعلياً تستطيع إيجادها في أي مكان في أي وقت في السنة، فبعض الهاكاثونات تُجرى بصورة نصف سنوية أو سنوية منذ عدة أعوام.
إذا بحثت في الانترنت قليلاً ستجد أن هناك العديد من المواقع التي تحدث قاعدة بياناتها بالهاكاثونات القادمة وبعضها يوفر قائمةً للهاكاثونات.
روابط المواقع التي تهتم بالهاكاثون أو نشرت قائمة عنه:
- هاكاثون Anvil Hack IV.
- قائمة بعشر هاكاثونات عالمية.
- هاكاثون HackPrinceton.
- قائمة بخمس هاكاثونات موصى بها.
برغم أن الهاكاثونات ليست منتشرةً جداً في الوطن العربي لكنك لا تزال تستطيع ايجاد العديد من الهاكاثونات العربية مثلما ترى في القائمة التالية.
هاكاثونات عربية:
ألا توافقني أنه من الجميل أن نمتلك قائمةً بالهاكاثونات العربية؟ إن كانت لديك معلومة عن هاكاثون يقام في منطقتك أو خارجها أرجو منك إضافته في التعليقات ليكون مصدراً لمن يريد المشاركة في الهاكاثونات العربية.
نعم، هاكاثون الحج مميز ولكن لماذا؟!
أكبر هاكاثون في العالم ألا تكفي؟ هاكاثون من سرعة صفر إلى 100 في ثانية واحدة.
كانت جائزة المركز الأول مليون ريال سعودي في شكل استثمار في المشروع مقابل 15% من المشروع بالإضافة إلى أجهزة وتذاكر إلى أحد المؤتمرات التقنيّة.
وللعشرين مركزاً الأولى جوائز كذلك.
كان هاكاثون الحج ممثلاً لما سُمّي عليه، فقد اجتمع فيه المبرمجون من كل فج عميق، من كل البلدان العربية وكان جمعاً مشهوداً ورائعاً جداً.

بعض من أحداث هاكاثون الحج
(1) الاستقبال واستلام البطاقات
في بداية الأمر تم الاعلان عن إمكانية التسجيل للمشاركة في هاكاثون الحج، وكان التسجيل مفتوحاً من جميع أنحاء العالم.
كنتُ أعلم أنني لن أستطع المشاركة برمجياً لارتباطاتي العملية ولكن آثرتُ أن أحضر هذا الحدث للفوائد الأخرى التي تأتي مع الهاكاثون.
كان التسجيلُ منظماً وفي موقعٍ متميز في مدينة جدة وهو ملعبُ الجوهرة، عدد العاملين في التسجيل كان كافياً ليخدم جميع الزوار دون تأخر وبسلاسة.

تُعطي رقم تسجيلك فيعطونك بطاقة توجد بها بياناتُك، وستُستخدم هذه البطاقة في الدخول إلى مركز الهاكاثون والمشاركة فيه وحتى استخراج شهادة المشاركة في الهاكاثون.

(2) التنظيم والعرض
مع وجود هذا العدد الكبير من المشاركين في الهاكاثون باختلاف ثقافاتهم ولغاته (فبعضهم لم يكن ينطق العربية) والعدد الكبير للمنظمين مع استمرار الحدث لعدة أيام كان من المتوقع أن يكون بالحدث بعضُ أوجه القصور.
ولكن على عكس التوقع، كان التنظيم في هاكاثون الحج من أروع ما يمكن، إبتداءً من استقبال الزوار الذين يأتون من دول مختلفة إلى استضافتهم وإعدادهم للمشاركة ونقلهم وتنظيم الحدث نفسه من أماكن للعمل والراحة وتناول الطعام المجاني من أشهر الشركات والعلاج المتوفر وغيرها من الخدمات.
عملٌ رائع وتهنئةٌ كبيرة يستحقها المنظمون…

من أطرف اللحظات كانت لحظةُ تكوين الفرق والتي لم أستطع الحضور إليها من البداية، فوجدتُ اللوحات وقد كُتبت عليها إعلاناتٌ تطلبُ الحصول على مبرمجين بصفاتٍ معينة، وبعضهم يسوق لمجموعته بطريقة فكاهية وهكذا…

(3) المواضيع المناقشة والحاضرين
كان الحضورُ أنيقاً، ولكن كما خططتُ أتيتُ متأخراً في حفل الافتتاح لأنتبه إلى وجود جيمي ويلز مؤسس الموسوعة الحرة ويكيبيديا.
برغم ثقل وزن الحاضرين الآخرين، شدّني جداً حضوره واهتممتُ بالاستماع إلى حديثه عن خبراته وتجاربه واستمتعتُ به.
سُئل جيمي عن قيمة الفشل فذكر أنه جرب إنشاء موقعٍ في البداية اقرب إلى الأكاديمية ولكنه فشل واستطاع إكمال الطريق والنجاح!
لا تيأس وواصل التجارُب، فالفشل لبنةٌ تضعها في سلم النجاح ما دُمت تمضي في الطريق.
وعن التجارب تحدّث ضيفٌ آخر -أعتقد أن اسمه الطريفي-ذاكراً أنه كان في سيليكون فالي وقرر أن يترك سيليكون فالي ويعود الى السعودية من أجل التجارب.
الملفت في الأمر أن العديد من الضيوف تحدثوا باللغة العربية مع توفير الترجمة للضيوف غير الناطقين بالعربية.
ومن جميل ما ذُكر أيضاً فيما يتعلق بالمقارنة بين الدراسة أم العمل فقط، فقد كانت النصيحة أن يكون الاهتمام بالدراسة، فالناجحين من أمثال بيل جيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرج من الذين تركوا الدراسة هم حالاتٌ شاذة مقارنة بعدد من ترك الدراسة ولم ينجح.
أهم درس خرجتُ به من هاكاثون الحج
أهم درس خرجتُ به من هاكاثون الحج أتى على طبقٍ من ذهب بملاحظةٍ بسيطة، وكان في ختام الهاكاثون.
تغيّبتُ عن الهاكاثون في الأيام التي كان المشاركون يعملون فيها على تطوير برامجهم، وأتيتُ في اليوم النهائي، يومُ التكريم.
جلستُ في وسط الصفوف وأمامي شاشةٌ كبيرة أنظرُ عبرها إلى العرض الذي يقدمه أصحابُ المشاريع العشرة الأولى التي تأهلت بعد فرز مئات المشاريع التي تم تطويرها أثناء الهاكاثون.
بعد انتهاء عرض هذه المشاريع يُختار المشروع الفائز بالجائزة الأولى … مليون ريال من التمويل لتطبيق المشروع!
أثناء عرض المشاريع العشرة الأولى حاولتُ أن أحزر المشروع الفائز، كما أظن أن جميع من يجلسُ حولي فعلَ ذلك، ولكن قبل الحديث عن المشروع الفائز سأخبرك عن المشاريع.
جميع المشاريع العشرة الأولى كانت تقدم خدمةً للحجيج كما هو مطلوبٌ فعلاً، ولم يكن من بين المشاريع ما يقدم شيئاً تقنياً مميزاً جداً يجعله مغايراً عن بقية المشاريع.
حسناً.. بناءً على أفكارِ المشاريع وضعتُ في ذهني مشروعين أو ثلاثة لاحتمال الفوز بالجائزة الأولى .. ولكن لم يفز أياً منهم بها.
كان المشروعُ الفائز والذي يسمى “ترجمان” هو تطبيقٌ يقوم بترجمة اللوحات الإرشادية للحجيج دون استخدام الانترنت.
مسرحية!
عندما عرض مطورو ترجمان مشروعهم لم تجذبني الفكرة كثيراً، ففي رأيي لم تكن متميزة جداً، ولكنني ضحكتُ أثناء عرضهم لمشروعهم.
أغلبُ مطورو المشاريع العشرة الأولى أتوا إلى المنصة معرفين عن أنفسهم ثم يتحدثون عن المشروع الذي عملوا عليه وفوائده ونقاط تميزه، إلا مطورو مشروع ترجمان.
قبل أن يبدأ العرض حبكوا مسرحيّةً قصيرةً مثّلوا فيها مشهداً يحتارُ فيه حاجٌ في فهم المكتوب في لوحةٍ إرشادية، فيأتي الحل في شكل تطبيقٍ يسمى ترجمان.
كانت الطريقة مختلفة ومميزة ولكنها سهلت فهم الفكرة كثيراً ورسخت عملهم في الأذهان!
بعد اعلان فوزهم عدتُ إلى التفكير في سبب اختيار هذا المشروع، كانت الإجابةُ المنطقية هي الدرسُ الذي خرجتُ به : طريقةُ العرض، فمهما كنت مبرمجاً متميزاً يجب أن تعرض أعمالك بطريقة جاذبة للمستخدمين وهو ما يسمى بالتسويق.
ومن الممكن أن يكون البرنامج أو المنتج الذي يطور بجودة متوسطة وتسويق ممتاز أكثرُ قبولاً لدى المستخدمين من البرنامج أو المنتج الذي يطور بجودة عالية وتسويق سيء.
ختاماً
حضور هاكاثون الحج كان حدثاً لن يُنسى مارستُ فيه التشبيك والتقيتُ فيه اخوةً من مختلف دول العالم، ومن الأحداثِ الطريفة أنني وجدتُ أحد أصدقائي مشاركاً بالهاكاثون، فجلسناً سوياً وحينها أتاني أحدُ المراسلين الصحفيين يريدُ أن يُجري لقاءً مع أحد المشاركين فأخبرته أنني لستُ مشاركاً ولكن صديقي بجواري مشارك.
أجرى مع صديقي اللقاء وأخذ بعض الصور وغادر، في اليوم التالي تم نشر الموضوع بإحدى أشهر الصحف بالمملكة وقد تصدر أكثر المواضيع قراءةً لعدة أيام مع صورتي في الواجهة بدلاً عن صديقي والذي كان غضباً مازحا. لا تسأل عن رابط الموضوع 🙂
معلومة جديده ومفيده بالنسبه لي وكسابقاتها من المعلومات المفيده التي اتحفتنا بها جزاك الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتك
أتمنى أن تكون أحد المشاركين في أحد الهاكاثونات القادمة أخي وقاص وأشكرك لتواجدك في مدونة علوم 🙂
جزاك الله خيرا. أنا أول مرة أسمع عن هذا الحدث. عندي سؤال : هل هذا الحدث يتكرر بصفة دورية؟
وجزاك الجنة، لم أسمع أو أجد من قبل حديثاً عن تكراره، من الممكن متابعة الموقع الرسمي لهاكاثون الحج قبل الحج للتأكد من ذلك.